responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 201
بِمَعْنَى مُفَاعَلَةِ أَسْبَابِ الْقَتْلِ أَيِ الْمُحَارَبَةِ، فَقَوْلُهُ وَقاتِلُوا بِمَعْنَى وَحَارِبُوا وَالْقِتَالُ الْحَرْبُ بِجَمِيعِ أَحْوَالِهَا مِنْ هُجُومٍ وَمَنْعِ سُبُلٍ وَحِصَارٍ وَإِغَارَةٍ وَاسْتِيلَاءٍ عَلَى بِلَادٍ أَوْ حُصُونٍ.
وَإِذَا أُسْنِدَتِ الْمُفَاعَلَةُ إِلَى أَحَدِ فَاعِلَيْهَا فَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ هُوَ الْمُبْتَدِئُ بِالْفِعْلِ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَجَعَلَ فَاعِلَ الْمُفَاعَلَةِ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ قَالَ: الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ فَجَعَلَ فَاعِلَهُ ضَمِيرَ عَدُوِّهِمْ، فَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ دَافِعُوا الَّذِينَ يَبْتَدِئُونَكُمْ.
وَالْمُرَادُ بِالْمُبَادَأَةِ دَلَائِلُ الْقَصْدِ لِلْحَرْبِ بِحَيْثُ يَتَبَيَّنُ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ الْأَعْدَاءَ خَرَجُوا لِحَرْبِهِمْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَتَّى يَضْرِبُوا وَيَهْجُمُوا لِأَنَّ تِلْكَ الْحَالَةَ يَفُوتُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ تَدَارُكُهَا، وَهَذَا الْحُكْمُ عَامٌّ فِي الْأَشْخَاصِ لَا مَحَالَةَ، وَعُمُومُ الْأَشْخَاصِ يَسْتَلْزِمُ عُمُومَ
الْأَحْوَالِ وَالْأَمْكِنَةِ وَالْأَزْمِنَةِ عَلَى رَأْيِ الْمُحَقِّقِينَ، أَوْ هُوَ مُطْلَقٌ فِي الْأَحْوَالِ وَالْأَزْمِنَةِ وَالْبِقَاعِ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى بَعْدَ ذَلِكَ: وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ [الْبَقَرَة: 191] تَخْصِيصًا أَوْ تَقْيِيدًا بِبَعْضِ الْبِقَاعِ.
فَقَوْلُهُ: وَلا تَعْتَدُوا أَيْ لَا تَبْتَدِئُوا بِالْقِتَالِ وَقَوْلُهُ: إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ تَحْذِيرٌ مِنَ الِاعْتِدَاءِ وَذَلِكَ مُسَالَمَةٌ لِلْعَدُوِّ وَاسْتِبْقَاءٌ لَهُمْ وَإِمْهَالٌ حَتَّى يَجِيئُوا مُؤْمِنِينَ، وَقِيلَ:
أَرَادَ وَلَا تَعْتَدُوا فِي الْقِتَالِ إِنْ قَاتَلْتُمْ فَفَسَّرَ الِاعْتِدَاءَ بِوُجُوهٍ كَثِيرَةٍ تَرْجِعُ إِلَى تَجَاوُزِ أَحْكَامِ الْحَرْبِ وَالِاعْتِدَاءُ الِابْتِدَاءُ بِالظُّلْمِ وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ آنِفًا.
[191، 192]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 191]
وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ (191)

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 192]
فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (192)
وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ.
هَذَا أَمْرٌ بِقَتْلِ مَنْ يُعْثَرُ عَلَيْهِ مِنْهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي سَاحَةِ الْقِتَالِ، فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ أَمَرَهُمْ بِقِتَالِ مَنْ يُقَاتِلُهُمْ عَمَّمَ الْمَوَاقِعَ وَالْبِقَاعَ زِيَادَةً فِي أَحْوَالِ الْقَتْلِ وَتَصْرِيحًا بِتَعْمِيمِ الْأَمَاكِنِ فَإِنَّ أَهَمِّيَّةَ هَذَا الْغَرَضِ تَبْعَثُ عَلَى عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِاقْتِضَاءِ عُمُومِ الْأَشْخَاصِ تَعْمِيمَ الْأَمْكِنَةِ لِيَكُونَ الْمُسْلِمُونَ مَأْذُونِينَ بِذَلِكَ فَكُلُّ مَكَانٍ يَحُلُّ فِيهِ الْعَدُوُّ فَهُوَ مَوْضِعُ قِتَالٍ، فَالْمَعْنَى وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ إِنْ قَاتَلُوكُمْ.
وَعُطِفَتِ الْجُمْلَةُ عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا وَإِنْ كَانَتْ هِيَ مُكَمِّلَةً لَهَا بِاعْتِبَارِ أَنَّ مَا تَضَمَّنَتْهُ قَتْلٌ خَاصٌّ غَيْرُ قِتَالِ الْوَغَى فَحَصَلَتِ الْمُغَايِرَةُ الْمُقْتَضِيَةُ الْعَطْفَ، وَلِذَلِكَ قَالَ هُنَا وَاقْتُلُوهُمْ وَلَمْ يَقُلْ: وَقَاتِلُوهُمْ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 201
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست